
الأخذ والعطاء: ما دمت تأخذ فلا بد أن تعطي… وإلا دفعت القوانين جبراً
في بداية الطريق…
الأخذ والعطاء:
يسير الإنسان في دروب الحياة محاطًا بفرص، دعم، ونعَم يتلقاها يوميًا من الآخرين والكون من حوله. ومع كل ما يأخذه، يظهر التزام عميق يفرض عليه أن يرد الجميل بطريقة أو بأخرى. فالحياة لا تقبل الأخذ من طرفٍ واحد. حين يأخذ الإنسان دون أن يعطي، تبدأ القوانين الخفية في إعادة التوازن، حتى ولو لم يشعر بذلك فورًا.
لماذا يصبح العطاء ضرورة لا خيارًا؟
عندما يمنحك شخص وقته، أو يشاركك مشاعره، أو يقدم لك دعمًا، فإنك تصبح مسؤولًا عن الاستجابة من منطلق الوعي لا المجاملة. ليس من الإنصاف أن تأخذ ولا تعطي. فالعطاء يحافظ على طاقة الحياة متجددة ومتدفقة. ومن جهة أخرى، يعطيك العطاء شعورًا بالاتزان الداخلي وراحة الضمير.
من يأخذ فقط… يدفع الثمن لاحقًا
يرتكب البعض خطأ حين يتعاملون مع العطاء كشيء اختياري لا علاقة له بالأخذ. ولكن، عاجلاً أو آجلاً، تبدأ الحياة في فرض دروسها. فبدل أن تستمر النِعم، تبدأ بالتراجع. وبدل أن يشعر الإنسان بالراحة، يجد نفسه مثقلاً بالضيق والغموض. في الحقيقة، لا تعاقبك الحياة، بل تذكّرك بأنك قطعت الوصل مع أحد قوانينها الأساسية: التوازن.
العطاء يُكمل الأخذ ويُتمّم النعمة
لعلّك لاحظت أن لحظات العطاء تشعرك بالامتلاء أكثر من لحظات الأخذ. ذلك لأنك عندما تعطي، تُعلن للكون أنك مؤتمن على ما تملكه. وعندما ترد الجميل، فأنت تعترف بفضل الآخرين، وتُعلي من قيمة الترابط بين البشر. علاوة على ذلك، تمنح نفسك فرصة لتزدهر روحيًا، وتخرج من حالة الأخذ الدائم التي تُرهق النفس مع الوقت.
كيف تخلق التوازن بين الأخذ والعطاء؟
-
أولًا، راقب كل ما تأخذه يوميًا، حتى لو كان بسيطًا.
-
ثانيًا، قرر أن تعطي باستمرار، ولو بالقليل، مثل الكلمة الطيبة أو الدعم المعنوي.
-
بعد ذلك، ابحث عن أشكال جديدة للعطاء، لا تقتصر على المال أو الوقت.
-
كما يمكنك أن تحوّل الامتنان إلى أفعال، لا مجرد مشاعر.
-
وأخيرًا، ضع نية العطاء في قلب كل تفاعل بشري تمرّ به.
براجراف مضاف بكلمات انتقالية قوية:
في المقابل، إذا توقفت عن العطاء، فإن الحياة تتغير بطريقة تدريجية. بدايةً، قد تشعر بثقل داخلي لا تعرف سببه. ثم، تبدأ العلاقات بالتوتر، وتتلاشى بعض النِعم من حياتك. ولكن، ما إن تعود إلى العطاء، حتى تعود الطمأنينة وتتفتح لك الأبواب من جديد. لذلك، حاول أن تحافظ على هذا التوازن باستمرار، خاصةً في الأوقات التي تنشغل فيها بتفاصيلك الخاصة. بالإضافة إلى ذلك، لا تتردد في تقديم الخير حتى لمن لم يمنحك شيئًا، فالقانون لا يردّ لك بالضرورة ممن أعطيتهم، بل يُعيد التوازن من حيث لا تحتسب.
الخاتمة: ما دمت تأخذ… لا تنسَ أن تعطي
في نهاية المطاف، الأخذ والعطاء يكمن سر الراحة النفسية في احترام قانون الأخذ والعطاء. لا أحد يستطيع أن يعيش بأمان داخلي وهو يأخذ فقط. لكن من يعطي، حتى وهو في احتياج، يجد بركة تتسع لحاجته وحاجة من حوله. لذلك، امنح كما تأخذ، وازرع كما تحصد، وتذكّر أن قوانين الحياة لا تُغفل أحدًا… بل تعيد التوازن دائمًا.