
شروط طاقة السكينة الإلهية: الثقة المطلقة بالله، واليقين الثابت، والتسليم الكامل للقضاء
طاقة السكينة الإلهية:
في رحلة الوعي الروحي، يبحث الإنسان عن ملاذ داخلي يحميه من تقلبات الحياة، ويسنده في لحظات الحيرة والضعف. هذا الملاذ هو طاقة السكينة الإلهية، التي لا تُمنح صدفة، بل تُستقبل حين تتحقّق شروطها الثلاثة: الثقة المطلقة بالله، اليقين الثابت بحضوره، والتسليم الكامل لقضائه.
1. الثقة المطلقة بالله
حين يثق الإنسان بربّه بشكل كامل، يزول الخوف من المستقبل ويتلاشى القلق من المجهول. لا يعود يبحث عن الضمانات من الخارج، بل يستمد طمأنينته من حضوره الداخلي. هذه الثقة لا تعني تجاهل الأسباب، بل تعني الاطمئنان رغم الغموض، والعمل برضا دون توقعات مشروطة. الإنسان الواثق يرى الحكمة في كل تأخير، ويتعامل مع المحن كتجليات للرحمة الإلهية.
وبين الثقة والتسليم… تنضج الروح
أولًا، عندما يبدأ الإنسان طريقه بثقة مطلقة بالله، فإنه يضع أول حجر أساس في بناء طاقة السكينة الداخلية. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا النوع من الثقة لا يعتمد على ظروف الحياة أو نتائج الأمور، بل ينبع من الإيمان العميق بأن الله يُدبّر الخير دائمًا. من ناحية أخرى، لا تكتمل هذه الرحلة دون يقين ثابت بأن الله معك في كل وقت، في الفرح كما في الضيق. في المقابل، يضعف الشعور بالسكينة إذا غاب هذا اليقين، مهما كانت الظروف مريحة ظاهريًا. علاوة على ذلك، فإن التسليم الكامل لقضاء الله لا يعني الاستسلام السلبي، بل يعني الاتزان مع حكمته، حتى إن لم نفهمها. بالتالي، كلما تعمّقت هذه الحالات الثلاث (الثقة، اليقين، والتسليم) في قلبك، كلما شعرت بطمأنينة لا تُزعزعها العواصف.
نتيجة لذلك، تبدأ الروح في الانفصال عن التعلق والتوتر، وتدخل في حالة من السلام الداخلي المستقر. في نهاية المطاف، تُصبح طاقة السكينة الإلهية ليست مجرد شعور عابر، بل حضورًا دائمًا يُرافقك في كل لحظة.
2. اليقين الثابت بأن الله معك دائمًا
اليقين ليس فكرة ذهنية فقط، بل تجربة روحية يعيشها القلب في كل لحظة. من يحمل هذا اليقين لا يشعر بالوحدة، حتى في أحلك الظروف. هو يرى يد الله في كل موقف، ويشعر بالإرشاد الإلهي يرافقه في خطواته. يطمئن قلبه لأنه يعلم أن الله لا يخذله، وأن كل شيء يحدث بدقة وحكمة. كلما زاد اليقين، تراجعت مشاعر الشك والارتباك، وحل محلها نور داخلي عميق.
3. التسليم الكامل لقضاء الله
التسليم لا يعني الاستسلام السلبي، بل يعني الانفتاح الكامل أمام مشيئة الله دون مقاومة داخلية. من يسلك هذا الطريق لا يعيش في صراع مع “لماذا؟” و”متى؟” و”كيف؟”، بل يرضى ويمضي بثقة. يُدرك أن الله لا يُخطئ في اختياره له، فيسلّم قلبه وعقله لقضاء الله. وعندما يفعل، يتوقف الصراع الداخلي، ويبدأ بالعيش في راحة نفسية لا تشبه أي راحة أخرى.
السكينة ثمرة الإيمان العميق
عندما تتحقق هذه الشروط الثلاثة في القلب، تتجلّى السكينة الإلهية بشكل طبيعي. لا يحتاج الإنسان إلى إثباتات خارجية ليرتاح، لأنه وجد السلام في حضن الثقة، واليقين، والتسليم. يهدأ قلبه، وتصفو رؤيته، ويتحوّل الألم إلى وعي، والمواقف الصعبة إلى محطات نور.
كيف تعيش بهذه الشروط؟
-
خصص وقتًا يوميًا للتأمل في أسماء الله الحسنى.
-
لاحظ مشاعرك حين تتقلّب الظروف، واسأل نفسك: هل ما زلت واثقًا؟
-
تذكّر مواقف أنقذك الله فيها، لتغذّي يقينك.
-
درّب قلبك على الرضا قبل أن يفهم السبب.
في الختام…
السكينة ليست غياب الألم، بل حضور الله وسط الألم.
حين تثق، وتتيقّن، وتسلّم، لن تُهزم داخليًا مهما حدث خارجيًا.
عندها فقط، تُفتح لك أبواب الطمأنينة الحقيقية، وتشعر أن الله معك، دائمًا.